لن نتعلّم الحرية الحقيقية في أوطاننا العربية، هذه مقولة صحيحة، وتصيب بمقتل، حتّى الذي يدعّي معارضته لنظام حكم أو أداء رئيس، أو منظومة حزبية حاكمة، يصبح مع الوقت مستبدًا أكثر مما كان من ينتقده يوميًا بلذوعةٍ، تلك عقلية تربينا عليها ولم نعثر على مفاتيح التخلص منها أبدًا.
في مصر، يقع عددٌ من الممثلين في فخ الديكتاتورية دون أن يدروا، ليستمروا بشتم النظام الحاكم هناك بأسفه العبارات، متناسين حرمة الزعامة المصرية، ومتجاهلين بالتالي كلّ طقوس الديمقراطيّة التي يناظرون بها ليلًا نهارًا.
إسمان يخطران فورًا على البال وهما: الممثلان عمرو واكد وخالد أبو النجا، اللذان يسخّران حساباتهما الإجتماعية، لإهانة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتواترٍ، ولأجل تحريض الرأي العام المصري والخارجي بمحاولةٍ لزيادة جرعة الإحتقان، بوقتٍ تعاني منه مصر من أزمات إقتصادية وتخبطات أمنية تستدعي توحيد الصفوف لا تفرقتها من أجل الوصول إلى حلول جذرية.
يغرّد واكد عن الأسلحة الشاملة للدمار التي يحوزها برأيه أي ديكتاتور، ويسرف في عرض المواصفات البشعة عن رئيسه أمام ملايين المتابعين.
يفضل زميله أبو النجا إعادة التغريد مرارًا بدل إرشاد الناس، وإستثمار منبره لإخماد الفتن التي يخطط لها المتآمرون على مصر، ثمّ يرفض الإستماع لزميل آخر له قناعاته الخاصة ليخوّنه تارةً بإتهامه ببيع ضميره للسلطة، وتارةً أخرى بإطلاق حكم الإعدام على سمعته ونزاهته، ناسفًا بذلك كلّ معايير الحرية التي يدعّي أنه من أنصارها!
يموت جنود من بلدهما بحوادث إرهابية ولا يهمهما ذلك.. يتحطّم القطار في المحطة ويفضّلان إستغلال الحادثة لتفريغ أحقادهما لا إنتظار التحقيقات وبالتالي مواساة الضحايا.
هما كأصالة نصري، التي كانت تتفلسف في كلّ لقاء معبّرةً عن مدى توقها للحريات، ثمّ تضحك على تعرض ممثلة كبيرة من بلدها كرغدة لحادث إعتداء، ثمّ تخوّن عملاقًا آخر من بلدها كدريد لحام، ثمّ تنادي بلا خجلٍ: “حرية حرية”!
عن أي حرية يتحدثون هؤلاء وأوطاننا في نكبة وألف ويل؟!
إنهم دواعش الفكر، و”القاعدة” الفنية التي تبث سمومها في عقول المتابعين دون إستيحاءٍ، والأيادي الغربية التي تتلاعب بنا دون أن نلحظها.
فلتستحوا وتلتهوا في فنكم، لم يعد للناس رغبةً في الإستماع لكم مرة أخرى!
عبدالله بعلبكي – بيروت