الأحكام الاستباقيّة ظالمة، لا نحبّ اتخاذها ولا نشجّع الآخرين على فعلها، لكنّ مؤشرات عديدة قد تدفعنا أحيانًا للتفكير بها أو توقّعها أو بناء تحليلات عامة حولها.
عمن أتحدّث هنا؟
عن الممثل السوري قصي_خولي الذي أثق تمامًا باختياراته الفنيّة، وأجده أكثر ممثلي العرب اقتناصًا لأهدافه، فيجعلني مرات ومرات أنحني أمام موهبته الحاذقة، التي يعي كيفية تسخيرها في عالم مهنته.
إقرأ: قصي خولي يحتفل بعيده وكم عمره؟
هذا العام يقدّم مسلسلًا مع الممثلة اللبنانية نادين_نجيم، تحت عنوان (٢٠٢٠).
عملٌ يستضيف البوب ستار رامي_عياش بدورٍ استثنائي، وتلعب بطولته أيضًا الممثلة اللبنانية القديرة كارمن_لبس، من كتابة نادين جابر وبلال شحادات، إخراج فيليب أسمر، إنتاج صادق_الصباح.
إقرأ: نادين نجيم تكتسح مع قصي خولي ورامي عياش وكارمت لبس!
الموسم الرمضاني مُكتظ بالأعمال، بين لبنان وسوريا ومصر والخليج.
العشرات قادمون إلى حلبة المواجهة بهدف رفع الكأس الأول، فالفوز بالسباق.
إقرأ: قصي خولي هكذا حمل نادين نجيم المذهولة وحصدا نجاحًا!
لكنّني، وليسمح لي القراء الأعزاء، أتوقّع (لا كالمنجمين بل كالمحلّلين) فوز قصي الباكر وتألّقه لعدّة عوامل يُمكن اختصارها بنقاطٍ (لا تُختصر بسهولةٍ):
- اختياراته الصائبة السابقة، عزّزت عامل الثقة بيني وبينه (كصحافي وناقد ومُشاهد).
- الحداثة التي يعتمدها كأسلوب لانتقاء الشخصيات الدرامية التي يتقمّصها، فنلاحظه يرتدي أثواب شخصيات لا تتشابه بالمضمون، ويلعبها بأدواتٍ مُستحدثة، فيحدث تغييرًا شاملًا يتضمّن شكله الخارجي (جسدًا وهندامًا)، ثمّ حركات الجسد، مرورًا بنبرة الصوت، فنظرات العينيْن، فأسلوب السير..
- لأنّه أقل الممثلين تقديمًا للأجزاء المتتالية عن عملٍ، ما يجعل رصيده الفني غزيرًا بالشخصيات الافتراضيّة التي خلق لها الحياة، من صلبِ موهبته.
- قصي من أبرع ممثلي الشرق، لكنّ هذا لم يضخّمْ الأنا العليا داخل تكوين شخصيته، ليدخل ساحة التصوير كلّ عمل وكأنّه يدخلها أول مرة، وكأنّه ولج ميدان التمثيل حديثًا، يشعر بالمسؤولية الفائضة، يرتبك لكنّه يثق بنفسه، لذا لم يصبه الغرور، دافن النجاحات، يومًا.
- يتدرّب باستمرار ويعمل على خلق أقل التفاصيل التي تساهم بتقوية بنية الشخصيّة الدراميّة.
- يعشق مهنته حتّى الرمق الأخير للعشق، لذا لا تنقطع موهبته لا شغفًا ولا عطاءً.
عوامل عديدة إن أسقطناها على ممثلين آخرين، لرأينا منها من تسقط ومنهم من يسقطون!
لستُ منحازًا له، بل أقيّم بعدلٍ، لذا أشيد بالآخرين عندما يستحقون.
لكنّني هنا لا أجد سواه، أتنبأ له النجاح الأكبر.
قبل عاميْن، أذهل قصي كلّ واثقٍ ومشكّك، عندما قدّم أجمل البطولات بمسلسل (خمسة ونصف) متفوّقًا على الجميع بشخصيّة (غمار) المُعقدّة سيكولوجيًا، الماهر كان بنقلِها عبر أجمل عدسات بصريّة، يتفرّد بها المخرج فيليب أسمر عن بقيّة مخرجي الشرق.
هذا العام سيفاجئكم بشخصية تاجر مخدرات يُدعى (صافي)، تسعى نادين (سما) للانتقام منه، بسبب قتله (كما يبدو) لرامي الذي يلعب دور شقيقها.
شخصيّة تبدو مُختلفة، توحي أنّنا وبأشد عالم الشرّ سوداويّةً، يمكن أن نصادفَ شخصيات نبيلة تمتلك صفات إنسانية مُدهشة، لكنّ الظروف القاسيّة وحدها من أطفأت أنوار قلوبها.
عبدالله بعلبكي – بيروت