لا يطرح مسلسل (راحوا) اللبناني البحتْ في شهر_رمضان المبارك سوى سلسلة من القصص المفكّكة التي لم تُعالج دراميًا بالصورة المطلوبة، ولا حتّى بأدنى المعايير.
على عكس مسلسلات كارين_رزق_الله السابقة التي كتبت نصوصها، فوغلت الواقع اللبناني، ونقلت أبرز قضاياه ومشاكله، لترتفع بأرضيّة الدراما المحليّة بعد تشققات أصابتها وهنًا، دامت لسنوات طويلة.
إقرأ: كارين رزق الله هل أصبحت نجمة اللبنانيين الأولى؟
البطلة كارين نفسها هنا، لكنّ الكاتبة مُختلفة، كلوديا مارشيليان التي تمتاز بغرازةٍ في الكتابة الدراميّة، لكنّها تدفع الضريبة، فتفقد وهج التألّق بنصف أعمالها، وربما أكثر.
هذا العمل ليس من الأوائل، ولن يكون بمواجهة مسلسليْن لبنانييْن مشتركيْن اسمهما (للموت) و(عشرين عشرين).
ليس الإنتاج المحلي السبب، فجلّ مسلسلات كارين -الكاتبة والممثلة- واجهتْ الأعمال المُشتركة، بل انتصرتْ عليها لأربع سنوات متتالية، بدءً من (قلبي دق)، وصولًا لـ (انتِ مين).
المشكلة هنا تنطلق من النصّ المتمزّق بحبكته الدراميّة، ثمّ الإخراج الضعيف الذي لم يضف للنصّ بل جعله أقل النصوص.
الممثل هنا واجبه أن يعوّض، شخصيّة ساحرة تقلب المعادلة فتخفي الثغرات.
ليليان_نمري فعلتها بمسلسل (ع اسمك)، أنقذت عملًا من السقوط، بل صعدت به إلى القمة عبر شخصية (جورجيت درباس) التي أصبحت حديث الناس، ولا تزال.
إقرأ: ابتسامة اللبنانيين ليليان نمري في رمضان!
الشخصيات بـ (راحوا) تحمل مضمونًا، ليست سطحية، لكنّ أداء متقمصيها جرّدها من كلّ المكنونات، لا نشعر ببراعة أحدهم ولا إجادة ولا حتّى أقل المستويات إبهارًا.
نشاهد لنشاهد، وإن غيّرنا المحطة، لا نشعر بشغف العودة.
ثنائية كارين مع بديع أبو شقرا لافتة نسبةً للانسجام البديع بينهما، لكنّ كارين الكاتبة من بنتْ أرضيتها، فكانا سويًا لعمليْن من كتابتها بأفضل أحوالهما الفنيّة، حتّى ظهور بديع بمشهدٍ كضيف شرف بعملٍ ثالث (انتِ مين) وازى ما قدّمه ربما بـ (راحوا).
كل هذا يهون أمام المشهد الجنسي الفاضح الذي عُرض أمس.
رجلٌ يمارس الجنس علنًا مع فتاة تصغره، القضيّة اغتصاب زوجيّ أو العلاقة غير المتوازية شهوانيًا بين الرجل والمرأة.
الجرأة مطلوبة، والحالة المطروحة تعانيها كثيرات، لكنّ تقديمها أسوأ، لتُطمر القضية تحت تربة جافة، ينقصها الكثير من الاحتراف.
المسيء هنا ليست الفكرة، بل كيفية تصويرها.
حركات شهوانية، وصوت رجل لا نعرف إن كان يموت أو يستلذ الممارسة الجنسيّة.
التلفزيون يدخل المنازل، نحن لا لم نختر المشاهدة، بل فُرضت علينا.
الغربيون يقدّمون مشاهد مماثلة لكنّ بحرفيّة لمبررات درامية بإخراجٍ أنيق.
المشاهدون هناك تركيبتهم القيميّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة مُختلفة.
كلّنا نسعى لمحاربة بعض العادات المختلفة، لكنّ لجمهورنا شخصيات أكثر تزمتًا، ولو اجتاحتها ازدواجية المعايير.
يشاهد العربي المواقع الإباحية بفراطةٍ، لكنّها عالم وهمي لوحده، تضّم ممثلين ومنتجين لا يشبهون تكوينه الإنسانيّ.
مهمتهم الظاهرة أن يلبوا له نداء الغريزة المقموعة والمضطهدة، المضمون الخبيث لنواياهم أن يصوّروا الجنس له مفتاحًا للشهوات الدنيئة، لا مُكملًا للحبّ، لتخرب حياته فيفقد اتزانه.
هذا هدفها، الدراما مُختلفة، الدراما قضيّة، الدراما رسالة.
الدراما احترام كيان من يشاهدها، لا خدش حيائه.
واقع متوعّر صعب علينا معالجته بأساليب ماهرة، لكنّ كيف و(راحوا) يتدنّى بمشهدٍ هزيل مُقزز!
عبدالله بعلبكي – بيروت
https://twitter.com/tarekwajbeh/status/1390395817098366979?s=21