مسلسلات درامية نتابعها للترفيه في الأوقات الضائعة..
ومسلسلات ضروريّة لحالات الفراغ العاطفي، نتابعها حتى وإن كنا منهكين بالعمل أو الواجبات، لكننا نسرق الوقت لصالح غذاء روحي..
ومسلسلات نتابعها لأنّها مثل الكتاب نقرأ فيها وكأننا نقرأ رواية تاريخية أو أدبية عالمية، أو ما يدور في الخفاء حولنا وهذا تخصّص أميركي لا نعرفه في العرب..
أما باقي الأعمال التي تنتشر مثل الرز في عز مواسم الثراء.. فبالله عليكم دلّوني على سبب واحد لمتابعتها..
في جولة قمت بها منذ بداية رمضان على مسلسلات كثيرة، بين لبناني، خليجي ومصري.. للأسف لم أُبقِ إلا على قلة وغالبيتها لست متأكدة من جوْدتها بعد، ولا إن كانت تستحق تضييع الوقت أو سرقته أو إن كانت تغني الرأس، أو تسد فراغاً عاطفيّاً؟ أو أن لا حاجة إنسانيّة لها مثل المسلسلات التي تعرض لمهربي المخدرات والفقراء في الأحياء الشعبية ونشاطات البلطجي ورفاقه.
ومثل هذه الأعمال التي تركز على القاع، السخيف فيها أنها لا تعرض لحل ولا لحكمة وتعيد بعضها على طريقة المضغ الطويل ولا يمكن وصفها إلا بتكرار يستحي منه الحمار؟ ألم نتابع هذه المناخات الدراميّة ذاتها منذ كنا أطفالاً؟ ما الجديد فيها؟ هل تغيّر نوع المخدرات؟ هل تغيّر شكل الفقر؟ هل تغيّر شكل البلطجة؟ هل تغيّرت مجمل الأحداث منذ خمسينات القرن الماضي وحتى الـ 2017؟
إذاً كيف تقبل النجمة الكبيرة يسرا الدخول إلى حي شعبي لتنسخ تجربة درامية عن عشرات ألوف التجارب في مسلسلها (الحساب يجمع)؟ وأين الإضافة إلى تاريخها؟
وما هذه العبقرية في مسلسل سوري يضع مع بداية المشهد الأول العام 1743 “ليبلفك” فتعتقد أنك ستشاهد عملاً تاريخياً “جهبوذاً” وكأن خلف الكاميرا يقف مخرج عملاق حارق خارق ويعتقد نفسه James Cameron.
وما يجعلني فخورة بالدراما العربية هي بضعة أعمال وعلى رأسها مسلسل (ظل الرئيس) الذي اكتشفت فيه ممثلاً مصرياً لم أعرفه من قبل، يضاهي في إمكانياته نجوماً عالميين ولا أعتقد أن نجماً مصرياً يحظى بكل ما يملكه ياسر جلال من الصوت الـ Base أي الرخيم، الوسامة، الهيبة، اللياقة البدنية والقدرات التمثيلية الهائلة. والأهم أن أداءه ليس محلياً، فلا نسمع صراخاً ولا مبالغة في العواطف والانفعالات التي يختص بها المصري وهذا ما نراه مثلاً ولو في مشاهد قليلة مع الممثلة علا غانم في المسلسل نفسه.
ياسر جلال يملك كل مواصفات الممثل العالمي البطل فيما غيره من النجوم العرب يملكون واحدة أو اثنتين من خصاله ويفتقدون الباقي.
ياسر جلال ذكرني بضحكة نور الشريف وطريقة أدائه في الحلقة الأولى قبل أن يتعرض لهجوم مسلح مع عائلته، فيقتلون ابنه وزوجته، فيحملهما جثتين هامدتين في مشهد متقن نراه فقط في المشاهد العالمية. والحمدالله أننا لم نسمع صراخاً متتالياً مع صدى ومؤثرات صوتية دأبت عليها الدراما العربية وكأن من يُقتل له أحد أو يموت له أحد لا يقف مذهولاً مثلاً.. أو لا يصاب بشلل الحركة.. الكل في المسلسلات العربية يصرخ ويتمرغ على الأرض أو ينتف بشعرها وهي تزعق أو يولول.
مسلسل (ظل الرئيس) نشاهد فيه ممثلاً يملك الكثير من الكبير نور الشريف ويبدو فيه (ياسر جلال) بحسن جورج كلوني في شبابه.
إذاً أين كان هذا الـ ياسر جلال؟
ولمَ لمْ أعرفه من قبل؟ وهل هو اكتشاف جديد؟
وكي أكون شديدة الحرص وقبل أن أكتب أردت رأي الذين لا يتابعون إلا المسلسلات الأميركية ويضحكون بل يسخرون على أعمالنا التي يعتبرونها تافهة في الإخراج والتمثيل فأرسلت Link الحلقة الأولى إلى مكتبنا في هوليود وبعض من في المكتب الذي يفهمون العربية والآخرون من الأجانب شاهدوا وسمعوا الترجمة من الذين يعرفون العربية وبعد أن أنهوا مشاهدة الحلقة الأولى للمرة الثانية أرسلوا لي التعليق التالي:
Madam Nidal
أترجم لمن لا يعرف الإنكليزية: السيدة نضال: لقد شاهدنا الحلقة الأولى التي طلبتِ منا مشاهدتها من المسلسل المصري (ظل الرئيس) الجينريك طويل جداً وصل إلى أربع دقائق و35 ثانية ما أشعرنا بالنعاس. أربع دقائق و35 ثانية في حين يجب أن يكون دقيقة إلى دقيقتين لا أكثر. التمثيل في البداية وحين يكون البطل في النادي الرياضي يتدرب يبدو متكلفاً وغير عفوي. ورغم ذلك نحن فرحون أننا تابعنا الحلقة بسبب الممثل العظيم في المسلسل. الإنتاج برمته نوعية عالية ويتساوى مع فيلم ماغي بو غصن الذي شاهدناه حين زرنا لبنان. المشهد الأخير من الحلقة الأولى كان حقاً جيداً.
مسلسل ظل الرئيس بطولة: ياسر جلال، علا غانم، هنا شيحا، عزت أبو عوف، الطفلة مايان، أشرف زكي، دينا فؤاد، إيهاب فهمي، صبري عبد المنعم، دينا حسن منى فاروق، نيفان صابر، محمود فارس: محمود متولي، محمود عبد المغني وغيرهم.
موسيقى تصويرية: مصطفى حلواني
تأليف: محمد اسماعيل أمين
إخراج: أحمد سمير فرج.