حسم الأزهر النقاش الأزلي الدائر حول الحجاب، ليعلن بشكل غير مباشر، إنه ليس فريضةً ولا واجبًا على المرأة المسلمة، بعدما منح شهادة الدكتورا للشيخ مصطفى محمد راشد في الشريعة والقانون، بتقدير ممتاز، عن أطروحته التي ناقش بها الموضوع من الناحية الفقهية، واستخلص نتيجةً مفادها إن الحجاب ليس فريضةً، كما يعمم البعض.
رأى إن تفسير الآيات القرآنية بمعزل عن ظروفها التاريخية، وأسباب نزولها، أدى إلى إلتباس التفسيرات عند البعض، وشيوع مفهوم خاطئ يوحي بإلزام المرأة ارتدائه وإلا تعاقب وتدخل النار، مع أنه لم يرد ذلك في القرآن على الإطلاق.
قال إن بعض المفسرين رفضوا استخدام العقل للوصول إلى الحقيقة، واقتبسوا النصوص الدينية بغير موقعها، وفسروها على أهوائهم بعيدًا عن مغزاها الحقيقي، واتهمهم بضعف قدراتهم التحليلية التي رآها ناتجةً عن آفة نفسية حسب وصفه، تعود إلى تغييب الاجتهاد العقلي المقنع بالأدلة والوقائع والمنطق.
مؤديوا نظرية الشيخ يعتقدون إن سبب جهل بعض الشيوخ الذين عمموا نظرياتهم وفرضوا الحجاب، يكمن في قاعدة (النقل قبل العقل) المعتمدة في البحث الاسلامي، وتفسيرهم الخاطئ للآية (53) من سورة (الأحزاب)، التي جاء فيها: {وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكُم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما}، بينما يرون إنها تخص أمهات المؤمنين فقط أي زوجات الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، لوضع حاجز بينهن وبين صحابته آنذاك.
- الآية (59) من السورة ذاتها تقول: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهنّ من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما}، ويعتقدون إنها نزلت ليضعن الحرائر على وجوههن، كي لا يكن عرضة لرجال يسترقون النظر إليهن، كما يفعلون مع الجواري.
- الآية رقم (31) من سورة النور: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الاربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}، نزلت حسب آرائهم للإشارة بستر النحر، أي أعلى الصدر والعنق، بسبب انتشار حالة سادت عند نساء العرب وقتها، لا يسمح بها الإسلام.
مصادر قالت إن الأزهر قطع الشك باليقين بتبنيه لتلك الأطروحة، لينهي النقاش الدائر حول الحجاب، وما إذا كان (عادة أم عبادة)، فيعلن وبشكل جازم إن الدين الاسلامي لم يفرضه.
عبدالله بعلبكي – بيروت