أثناء الأحداث الأخيرة التي عصفت بالأراضي اللبنانية وانطلاق الثورة، لاحظ الجميع قيام عدد من المحتجين بإحراق اطارات السيارات المطاطية كوسيلة للاحتجاج واغلاق الطرقات لاضفاء جو احتجاجي في الشارع.
حذر عدد من خبراء البيئة من خطورة ثلاثة أنواع من النفايات التي ستكون أكثر تهديدًا للبيئة على سطح الأرض في المستقبل القريب وهي النفايات الذرية والنفايات الطبية وإطارات السيارات التالفة، والتي لا تقل خطورة عن النفايات الذرية حيث أفاد الخبراء إنه إذا ما تم استبعاد النفايات الذرية على اعتبار أنها تخضع لمعايير دولية تحكمها سياسات عالمية وكذلك بالنسبة للنفايات الطبية حيث توجد جهات حكومية تتولى الرقابة وتشدد على أهمية التخلص من هذه النفايات من خلال معالجتها بالطرق الآمنة تبقى مشكلة الإطارات التالفة وهي الأكثر خطرًا بسبب عدم تقدير مدى خطورتها على البيئة أو الالتفات إليها وإعطائها أية أهمية من قبل الجهات المعنية.
وقال المختصون في مجال الدفاع عن قضايا البيئة إن الإطارات التالفة تمثل قلقًا بالغًا بالنسبة لهم وينبع هذا التخوف من صعوبة التخلص من هذه الإطارات خاصة أن طرق معالجتها التي اتبعها الكثير من الدول كان لها مشاكل معقدة وألحقت أضرارا بالغة بالإنسان والبيئة لم تكن متوقعة.
ما هي مكونات الإطارات؟
يصنع الإطار من 20 مادة كيميائية منها:
المطاط الطبيعي والصناعي والكربون وأصماغ والبولياستر والنايلون والكبريت والأسلاك وغيرها، والمشكلة تكمن في وجود الكبريت الذي يعطي التماسك للسائل قبل الصب وأيضًا عملية إعادة تفكك وتحلل الإطارات كما تعتبر الإطارات التالفة من المواد التي يصعب تحللها أو الاستفادة منها في أشياء أخرى ولا يمكن معالجة المشاكل الناشئة منها.
الأضرار الصحية والمشاكل البيئية الناتجة عن حرق الإطارات:
إن المتضرر الأول من عملية حرق الإطارات هو من يقوم بالعملية نفسها فهو أكثر عرضة من غيره لاستنشاق الغازات الناتجة، كما ان أكثر الفئات قابلية لأضرار هذه المواد هم سكان المناطق القريبة من اشتعال الاطارات وخاصة فئة الأطفال والأجنة في أرحام أمهاتهم والرضع والمسنون.
- تلوث الهواء والماء والتربة جراء الحرقوهذا ما يولد مخلفات وإنبعاثات لها تأثير مباشر وغير مباشر على جودة الماء والهواء والتراب.
- صعوبات في التنفس بخاصة للمصابين بالربو، وقد تتسبب بالوفاة، وذلك لأن إطار السيارة يتكون من المطاط الصناعي المصنّع من مركبات البنزين ومشتقاته والكربون الأسود والكبريت وأكسيد الزنك والشمع والفولاذ، وعند احتراقه يبعث غاز أول أكسيد الكربون ومعادن ثقيلة ومواد عضوية متطايرة وجزيئات صغيرة تدخل الجهاز التنفسي وتترسب في أعماق الرئةما يترتب عليها آثاراً ضارة وخطيرة على المدى البعيد.
- هناك دراسات علمية نشرتها مجلات متخصصة في شؤون البيئة أظهرت أن العاملين في مصانع حرق الإطارات هم أكثر عرضة لأمراض الربو والسرطان والالتهابات الرئوية وضيق النفس.لأن المركب الأساسي لإطارات السيارات هو الستيرين بوتادين Styrene-Butadiene-wr. كما أن هنالك مركبات أخرى مثل البولي بوتادين ومركبات أخرى تحتوي على الكبريت
وحرق الإطارات يؤدي إلى تفكك رابطة الستيرين بوتادين مما ينتج الستيرين ومركبات بنزينية وكذلك البوتادينبالإضافة إلى انطلاق طاقة ناتجة عن التفاعل, الجميع يحذرون من حرق الإطارات المطاطية حيث إن المواد السابق ذكرها عبارة عن مواد مسرطنة تضر ولا تنفع. - إنّ الغاز المنبعث يحتوي على أول أكسيد الكربون (الذي يسبّب الصداع والغثيان) ، وغاز الـ”سيانيد” Cyanide (الذي يسبّب الدوار وسرعة دقات القلب)، وغازات أخرى على غرار ثاني أكسيد الكبريت (الذي يتسبّب بتكوّن رئتين أقل نموًّا لدى الأطفال)
- يؤثر على الخصوبة، يضر بجهاز المناعة، يؤدي الى مشاكل في النمو ويؤدي الى عاهات للاجنة في بطون امهاتهم. ومرضى الربو بالإضافة إلى من يعاني أصلًا ضعفًا في الجهاز المناعي لأي سبب كان، فعندما تصل هذه المواد إلى جسم الإنسان عن طريق استنشاقها أو ملامستها للجلد فأنها تؤدي إلى ضرر كبير قد يصل الى ان تفرز تلك المواد في حليب الأم المرضع.
- تعكر صفو المجتمع وتعرض صحة الكبار والصغار للضرر.
- تسبب انبعاث غازات مؤذية محتوية على مواد كبريتية تنتهي في مصادر المياه والتربة فتلوثها.
- تزيد من اندلاع الحرائق في الغابات التي ترمي فيها الإطارات وبالتالي يصعب إخمادها
- تشوه المنظر الجمالي للبيئة والصورة السياحية للبلاد.
وبما أن البيئة والحفاظ عليها، قضية حياتية تهم الجميع لذا فإنه لا بد من تحمل المسئولية تجاه هذه القضية جنباٍ إلى جنب من خلال نشر وتعزيز مستوى الوعي البيئي بخطورة هذه الظاهرةعلى الصحة العامة والبيئة بما يكفل في نهاية الأمر التقليل أو الحد من هذه الظاهرة والتي ينبغي معالجتها وتقديرها على نحو أفضل.
ان حدود الحرية الشخصية تنتهي عند التعدي على الآخرين والبيئة المحيطة، وندعوا الثوار إلى تفهم الأضرار والتبعيات التي تنتج عنها هذه الأفعال، حيث أن مثل هذه الأعمال تستدعي من الجميع التكاتف لوقفها لأنها تخالف القانون وتؤثر على صحة الإنسان والمجتمع وأمنهما واستقرارهما وازدهارهما.
د. وليد ابودهن