لم يعبر بعد يوم على رحيل الفنان المصري الأعلى رتبةً، أيقونة الكوميديا العربيّة سمير_غانم.
أشعر بلوعةِ فقدانه كأمرّ الخسارات في الميادين الحياتيّة العامة، لا بل الشخصيّة وفي أصغر الدوائر.
إقرأ: سمير غانم رحل بعد تاريخ من الفن ولن ننساه!
الكبير أضحكنا بوحدتنا، بانزوائنا عن المحيط المُرهق، عالجنا وأمحى اضطراباتنا جاهدًا ولو للحظات، كانت ابتسامات وجوهنا علامة نجاحه بخطة اختراقه قلوبنا، بل دخول أقفاصها والمكوث فيها.
أذكره صانع البهجات، مُطلق العنان لأجمل ضحكات العمر، بأكثر لحظاته سوداويّةً.
الكوميديّ أينما سطّح أرضيّة موهبته، في الدراما، السينما أو المسرح، يعالج أوجاع الروح.
كان سمير أجمل معالجيّ الكون، يحسّن المزاج، يبعد الكآبة، يعيد للروح صفاءً، بعدما أقهرتها هموم الدنيا.
في علم النفس، يستحق سمير جائزةً.
وفي علوم الفنّ، يستحق سمير جوائز.
لم ينلْ الكثير، الماديات لا تُمنح في الشرق لكبارنا بل تُسرق منهم.
حصد سمير فوزًا أكثر معنويًا، يشعر بضرورتِه، كلّ من تخلو شخصياتهم من النزعة الماديّة.
نحنُ شعوب لا ندرك قيمة عظمائنا إلا عندما ينتقلون إلى واحة الله الواسعة.
وحده على سلسلة أفعاله، يقتنص سمير علامات مُرتفعة، بعيدًا عن شرور الكون وسقطاته، يرتقي النجم الكبير، نظّنه يحظى برعايةٍ من الله الأرحم، من كلّ من يدعّي امتلاك صكوكه على هذه الأرض.
إسعادنا عنوان رسالته الأسمى، ما أنبله يرحل صاحب رسالة.
ما أجمل من يرحل غير عابرٍ، غير جسدٍ، غير رقمٍ.
ما أجمل من يرحل راسخًا، دامغًا، مُستقرًا في الأذهان.
بين مليارات سبعة، يعود إلى التراب ليس كما أتى.
يرحل جسدًا، يبقى روحًا أضاءت دربها، لا تطفئها عتمة القبر.
ستبقى الأجيال تقول بكلّ تقلّبات الزمن: (رحمك الله سمير غانم).
الذاكرة قويّة بكَ وبكلّ رموزنا، النسيان عاجز أمامك، لا يفترس سوى كلّ ضعيفٍ أبى المواجهة.
أنتَ تمرّدتَ، فنجحتَ، فبقيتَ يا سمير حتّى النهاية.
عبدالله بعلبكي – بيروت