بقلم نضال الأحمدية
من يعانون عقدة الدونية وهم كثر، يعيشون بيننا، يجلبون لنا المصائب والخيبات، يلعنوننا كلّما أرادوا الإستمتاع بشعور العظمة، ورغم كل سخطهم علينا، ورغم كل عقابهم لنا على نجاحاتنا، بل انتقامهم من نجوميتنا في أي حقل مهني كنا فيه، لا يفارقهم الشعور بالدونية أو (النقص)، فيسددون لنا الضربات ليحققوا الشعور بالعظمة، وهم لا يساوون عظمة من كاحل كلب.
إن أردتَ أن تعرفهم، فهم بيننا يتنقّلون على الطرقات وعلى الـ Twitter والـ Facebook، وهم الذين يطلبون ولو خلسة تصفيقًا دائمًا وهتافًا واستحسانًا مستمرْين، ويقدّمون لأجل هذه المكاسب أي شيء، حتى ولو كان يتنافى مع الأخلاقيات والمبادئ ووصايا الله والرسل.
الدونيون يعيشون في حيرة دائمة، يعيشون قلقًا مضنيًا لأنهم يبحثون فقط عن اللمعان!
لا ينامون..
يعانون من آفة الحسد..
كل سلوكياتهم تقوم على تحقير أسيادهم، كي يعوّضوا عن نواقصَ فيهم، وكي يُطمْئِنوا أنفسهم بأنّ الكبير ليس له سطوة عليهم، وكي يطمئِنوا قلوبَهم إلى أنهم سيتمكّنون من إلغاء الكبير الذي يذكّرهم بعجزهم ونقصهم وإحساسهم الدائم بالدونية.
وإن أردتَ أن تتعرّف عليهم فهم:
1 – يأتون إليك فيدخلون من خرم إبرة، وينحنون تحت قدميك، ولأنك تشفق عليهم، ترأف بهم، ويكون همك مساعدتهم وإنقاذهم من سوادهم الكالِح، لكن همّهم غير همك، فهم يعرفون كيف يستغلّونك ولا يهمّهم أن يتوسّلوك، وحين ينالون ما يريدونه، يجلدونك.
2 – الدوني هو الذي يدّعي الكثير كذباً..
3- الدوني هو الذي يعطي قيمة كبيرة لأبخس أنشطته..
4- الدوني هو الذي يدّعي أن الوزير الفلاني صديقه، وأن الصحافي الكبير عدوه، لأن الصحافي الكبير يغار منه!
5- الدوني هو الذي يخبر أسرار عائلته، فلا يهمّه أن يشتم كل أهله، ولا عجب إن اتهم شقيقه بالمدمن على المخدرات وأمه بالفاسقة وجدته بالداعرة، وكل ذلك كي يكسب ثقتك وشفقتك، وكي يحجز لنفسه مكاناً موازِياً لحذائك، واعداً نفسه أنه ذات يومٍ قريب سيعضّ الحذاء، وما يمكن عضه منك وفيك.
6 – الدونيون لا يملكون القدرة على الحب ولا يتعاطفون مع الآخر..
7- هم الذين يدفعون من معهم من الأقوياء إلى شتى أنواع المصائب، مستندين إلى كل أنواع الحيل المقنِعة، لأنهم أيضاً يرغبون بتدمير الأقوياء..
8 – الدونيون يرغبون بتدمير الأقوياء لأنهم يتلذّذون بقهر الناجح والقوي، لشدّة سلبيتهم ولحجم الحيوان المشرَئبّ فيهم.
9 – يعانون سراً من القلق والضيق، وحين يلتقون بقوي يلهثون إلى افتراسهِ ليشبعوا.
10 – يسعون دائماً للحصول على مديح.
11 – يسفِّهون من مدّ لهم يد العون وينكرون جميله، بل ويكرّرون إهانته في كل فرصة أُوتِيت لهم، وإن لم تأتهم الفرصة يختلقونها.
12- كان عالِم النفس الشهير (أدلر) بدأ بطرح فكرة الشعور بالنقص أو الدونية معلّلاً الأسباب بوجود عاهات جسدية للدوني، لكن العالِم الكبير عاد ليؤكد من خلل أبحاثه أنّ أبعاد الشعور بالنقص ثلاثية: (جسدية، نفسية واجتماعية).
يقول أدلر إن العجز لدى المصاب، والعيوب التي يعيشها سرًا أو علانية هي التي تصنع هذا الشعور بالنقص.
13- تكثر الحاجة عند الناقص أو الدوني للبحث عن التفوّق، لأنه غير قادر على ذلك، ولأنه يتعرقل بحقده فيصبح عدوانياً شتّاماً.. وأول من يعاديهم ويشتمهم أولئك أحسنوا إليه ثم انصرفوا عنه، فيشعر برغبة دفينة لقتلهم.
14- الرغبة بالقتل أو التصفية المعنوية يقول أدلر تتمثل «بميكانيزم»/Mecanisme دفاعي للتعويض عن النقص بدافع التفوّق، ما يساعد الشتّام الناقص كي يسير في سبلٍ تعويضية، وهي البحث عن القوة والعظمة، فتقلّ عنده حالات القلق الناتجة عن الإحساس بالنقص والعجز، وهكذا يعيش الناقص على حساب سمعة الآخرين وكرامتهم ولو مؤقتاً.
ورغم أن الناقص يعرف أن كل ما يمر به، حلول مؤقتة، لكنه يفضّلها عن آلام (أنه لا شيء)، وكي يمنع مؤقتاً كشف حقيقته الذليلة!