سر جمال أي بشرة، يكمن في الاعتناء بها بإستمرار.
هذه القاعدة تدركها النجمات العربيات أكثر من الأجنبيات.
نرى نجماتنا تحافظن على جمالهن كلّما تقدّمن بالعمر، بعكس العالميات اللواتي تحافظن على جاذبيتهن في بداياتهن لكنّ اهتمامتهن تتقلص مع التقدم بالعمر وتستسلمن لعدد السنوات.
في اتصال خاص مع الدكتورة في علم النفس وفاء العرّاوي، قالت لنا إن سبب اهتمام العرب بشكل عام بمظهرهم، فبسبب ارتباط ثقافتنا بإرضاء الغير، وقالت:
(نحنا ننشأ منذ الطفولة على العبارات التالية «أوعا الناس، عيب الناس وكيف بيشوفونا غير». نحن عشنا على ثقافة ارتباطنا بالآخر وليس بالذات، هذا بالنسب للعرب. أما بالنسبة للأجانب الحياة الإحتماعية لديهم تجسد علاقات تقوم على أن يقبل كل شخص الآخر كما هو، أي أن هناك حرية رأي وحرية تعبير. نحن العرب نعبر للآخر كما يريد هو أن تعبر له.)
وقالت:
لا يمكن أن ننسى الآن، أن وسائل الإعلام ترسخ هذه الأفكار، وهي أن المظهر مهم جداً حتى نصبح مقبولين من الآخر وكأن المظهر صار يدل علينا من داخلنا نحن من؟ وكيف نفكر؟ وما هي بيئتنا؟ ومن هم الناس الذين نلتقي معهم.
كل هذه التوجيهات الإعلامية عبر الإعلان خصوصاً، تعزز فكرة الإهتمام بالمنظر. مثل كوني كذلك والبس من هذه الماركة كي تسحرها وضع من هذا العطر وأنتِ البسي هذا اللون لتجذبيه وإلى آخر الإعلانات التي تحول الإنسان إلى مستهلك لا منتج.
وأكبر دليل على هذا وخصوصاً في لبنان الذي أصبح يُعتمد من أهم البلدان للسياحة التجميلية. نحن ننقل الصورة للآخر عن وطننا، وبالتالي أصبح المظهر يهمنا أكثر «من وين منلبس وشو منلبس»
وأضافت: ورغم أن اهتمامنا بالشكل في الحياة الإجتماعية يعبر عن احترامنا للآخر وعن تقديرنا له «وما بدنا نروح فيها كتير غلط» وأكبر دليل على ذلك أننا نرتب أنفسنا في المناسبات، ونجمّل من أشكالنا، بوضع المكياج وارتداء أهم الملابس وهذا نوع من أنواع إعطاء قيمة للحدث الذي نذهب إليه. لكن كلما بالغنا ذهبنا نحو التطرف.
صار مصدر الحكم على الآخرين من خلال المظهر، ونحن في لبنان صدّقنا أن الحكم على الآخر من خلال المظهر وغصنا فيها. وأي علاقة في بداية الأمر تستند على المظهر ولا على شيء آخر.
قبل أن ننتقد هؤلاء الفئة من الناس، علينا أن نعدّل تربيتنا، أي نعدل في أسس التربية التي عهدناها مع أولادنا، كي لا نصل للحالة التي وصلنا إليها. مثلاً نقول عبارات للبنت وهي صغيرة «يا حياتي ما أجملك، متل القمر» فمن الطبيعي أن تكبر البنت وتقاتل كي تحافظ على جمالها ومظهرها بل قد تبالغ في حرصها على أن تبقى جميلة، ويكون الجمال الشكلي أهم بكثير من القيم الأخرى.
وتابعت: سأعطيكِ مثلاً عن برنامج The Voice الذين يستمعون إلى صوت المشتركين فقط، ويحكمون على المغني بدون أن يروا مظهره، فلأنهم باتوا يعلمون جيداً أن المظهر قد يؤثر على الإختيار. وبالتالي أعطوا بعض الناس حقّهم الطبيعي، والذي قد يُهدر أو يتقلّص لو اعتمدوا على مظهرهم أكثر. ومع كل هذا ففي الحلقات الأولى من The Voice يأخذ كل مشترك حقه ولكنّه يظلم نوعاً ما في المرحلة الثانية، أي في مرحلة المواجهة حيث يعتمد الجمهور على الشكل ويعطون الشكل أو المظهر الأهمية الأكبر.
وأضافت: عن الإهتمام بالمنظر لا يمكننا أن ننتقد بشكل مطلق هذا الموضوع أو نذهب إلى الإنتقاد الصرف، يمكننا أن نكون عادلين ونقول بأن المظهر مهم في الحياة الإجتماعية، بشرط أن يبتعد عن التطرف، وأن لا يكون الأداة الوحيدة التي نحكم من خلاله على الآخر. ومن جهة أخرى على الإنسان أن لا يهمل منظره ولا نفسه، لأن الإهتمام بالذات من أولويات عملية التسوية مع الذات، مثلاً بعض الذين يعانون من الإكتئاب تكون ردّة فعلهم الأولى إهمالاً بشكلهم الخارجي، وبمظهرهم، والبعض الآخر يعتني بنفسه أكثر كي يكبت الحالة النفسية المتدهورة التي يعيشها. والحياة السوية تكون بالإعتدال من ناحية الإهتمام بالمظهر مع الإهتمام بأمور أخرى.
وختمت: علينا أن لا ننسى أن المظهر في بعض الأحيان يعطينا الثقة بالنفس وتقدير أو حب الذات. نحن مثلاً إذا اهتممنا بجسدنا سنهتم بما نرتديه، ونهتم بأرواحنا، وهذا امتداد وتناسق وتعاون كبير بيننا وبين أنفسنا، وبيننا وبين عقولنا.
الجسم يدل على الحالة النفسية التي نعيشها، وطالما أننا «نغنج» هذا الجسد ونعامله بمحبة، وكأننا نقول: كم نحب نحن أنفسنا ونشعر بالرضا عنها.
سارة العسراوي – بيروت