كتب دكتور Steve Taylor
أنت حين تقرأ أي كتاب عن تاريخ العالم، من المحتمل أن يتبقى لديك انطباع واحد يهيمن عليك وهو: أن البشر يجدون أنه من المستحيل العيش بسلام مع بعضهم.
وبينما يبدو العالم على مقربة من صراع كبير آخر ــ المواجهة بين روسيا وأوكرانيا التي تطورت خلال الأيام القليلة الماضية ـوانتقلت الحرب الى غزةـ
فيبدو أن الوقت مناسب للتفكير في السبب وراء حدوث ذلك.
عادة ما تبدأ كتب تاريخ العالم بحضارات الفينيقيين في لبنان وسومر في العراق والفراعنة في مصر، الذين نشأوا حوالي عام 4000 قبل الميلاد.
ومنذ تلك اللحظة وحتى يومنا هذا، لم يعد التاريخ أكثر من مجرد قائمة للحروب التي لا نهاية لها.
وفي الواقع، ارتفع عدد القتلى بسبب الحروب بشكل حاد. في حين توفي 30 مليون شخص فقط في جميع الحروب التي دارت رحاها بين عامي 1740 و1897، فإن تقديرات عدد القتلى في الحرب العالمية الأولى تتراوح بين 5 ملايين إلى 13 مليون شخص، كما مات عدد مذهل بلغ 50 مليون شخص خلال الحرب العالمية الثانية.
(منذ ذلك الحين، انخفضت الوفيات الناجمة عن الحرب بشكل كبير، لأسباب سأناقشها لاحقًا).
نظريات الحرب
كيف يمكننا تفسير هذا السلوك المرضي؟
يشير علماء النفس التطوري أحيانًا إلى أنه من الطبيعي أن تشن المجموعات البشرية حربًا لأننا نتكون من جينات أنانية تطالب بتكرارها.
لذا من الطبيعي بالنسبة لنا أن نحاول الحصول على الموارد التي تساعدنا على البقاء، وأن نتقاتل عليها مع المجموعات الأخرى.
ومن المحتمل أن تعرض المجموعات الأخرى بقاءنا للخطر، ولذا يتعين علينا التنافس والقتال معهم.
هناك أيضًا محاولات بيولوجية لتفسير الحرب.
الرجال مستعدون بيولوجيًا لخوض الحروب بسبب الكمية الكبيرة من هرمون التستوستيرون التي تحتوي عليها أجسادهم، حيث يُعتقد على نطاق واسع أن هرمون التستوستيرون مرتبط بالعدوان.
قد يرتبط العنف أيضًا بانخفاض مستوى السيروتونين، نظرًا لوجود أدلة على أنه عندما يتم حقن الحيوانات بالسيروتونين فإنها تصبح أقل عدوانية.
هذه التفسيرات تنطوي على إشكالية كبيرة.
على سبيل المثال، لا يمكنك تفسير النقص الواضح في الحروب في تاريخ البشرية المبكر، أو ما قبل التاريخ، والنقص النسبي في الصراع في معظم مجتمعات الصيد وجمع الثمار التقليدية.
على سبيل المثال، نشر عالما الأنثروبولوجيا دوغلاس فراي وباتريك سودربيرج، في العام الماضي دراسة عن العنف في 21 مجموعة حديثة من الصيادين وجمع الثمار،
ووجدا أن الهجمات المميتة التي تشنها مجموعة على أخرى كانت نادرة للغاية على مدى المائتي عام الماضية.
وحددوا 148 حالة وفاة بسبب العنف بين المجموعات خلال هذه الفترة، ووجدوا أن الغالبية العظمى منها كانت نتيجة صراع فردي، أو نزاعات عائلية.
وبالمثل، جمع عالم الأنثروبولوجيا ر. بريان فيرجسون أدلة مقنعة لإثبات أن عمر الحرب لا يتجاوز 10000 عام، ولم تصبح متكررة إلا منذ حوالي 6000 عام.