أيمانا بمبدأ الفصل بين السلطات واستقلالها، ولا سيما استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية لضرورة انتظام العمل الديمقراطي، أتوجّه بهذا النداء إلى رئيس المجلس الدستوري وأعضائه الكرام، عشية القرارات التي يزمع أن يصدرها في شأن الطعون الانتخابية السبعة عشر المقدّمة أمامه.
إني أتطلّع بأملٍ عظيمٍ، إلى اللحظة التاريخية الداهمة التي سيعلن فيها هذا المجلس قراراته حول هذه المسألة، بمعزلٍ عن كلّ ما يُمارَس من إيحاءاتٍ وتهويل وضغوط مباشرة وغير مباشرة، وخصوصاً بعد تأليف الحكومة الجديدة، بتوافق مجمل الأطراف السياسيين على تقاسم جنّة الحكم والحكومة، بما يفضي إلى الحؤول دون ممارسة السلطة التشريعية رقابتها على أعمال السلطة التنفيذية، وبما يؤدي موضوعياً إلى جعل السلطة القضائية عزلاء أمام تحالف السلطتين التشريعية والتنفيذية.
عشية البتّ بالطعون الانتخابية، أدعو المجلس الدستوري، رئيساً وأعضاء، إلى إقفال كلّ الأبواب أمام التدخلات المحتملة، أياً تكن، والاحتكام إلى الضمير، وكلّي ثقة بأن هذا المجلس سيضع نصب عينيه ما يرتجيه منه المواطنون وأهل الحق، وبأنه لن يخذلهم، ولن يترك باباً مفتوحاً أمام ممارسات أطراف السلطة، وأمام الضغوط السياسية والفئوية والحزبية والطائفية والمذهبية، للتأثير في طبيعة قراراته في هذا الشأن، وفي احتمال إلغاء نيابة بعض النواب الذين أُعلِن فوزهم في ظروفٍ اعتورتها انتهاكاتٌ خطيرة، مرفقة بشتّى أسباب الالتباس والريبة والغموض والإبطال.
سيذكر التاريخ لهذا المجلس الدستوري، أيّ قرارٍ شجاعٍ، حرٍّ، سيّدٍ، ومستقلّ، يتخذه في هذا المجال، لإنصاف مَن يجب إنصافهم، وسيعزّز ثقة المواطنين بإمكان الوصول بلبنان إلى دولة المؤسسات، دولة الحقّ والقانون والدستور.
بولا يعقوبيان نائبة بيروت