تعرض محطة (الجديد) مسلسلًا لبنانيًا بعنوان (آخر الليل) من كتابة ديمتري ملكي، ومعالجة درامية لعبير صيّاح، ومن إخراج أسامة الحمد كلّ جمعة وسبت.
تناقش القصة حكاية عائلتين لبنانيتين متناقضتين، واحدة فقيرة وأخرى غنية، تنشأ العلاقات المفاجئة بين أفرادها، وتتوالى أحداثها.
جورج شلهوب يلعب دور (فريد) رجل ثري، يملك شركة كبيرة، وأبٌ ربى إبنًا (وسام صليبا) وإبنةً (ماري بيل طربيه) بعد وفاة زوجته، يعشق ريتا حرب والتي تؤدي دور (كارلا)، امرأة جشعة تحاول السيطرة على أملاكه، وتعمل كمديرة لقسم الإعلانات في شركته.
تُخطف إبنة جورج شلهوب مع إبنة أخرى تشبهها من العائلة الفقيرة، وتفقد كلاهما الذاكرة، لتدخل هنا النكهة المكسيكية على العمل، وتتفاوت الأحداث غير المنطقية، فتعود الفتاتان كلّ واحدة إلى منزل الأخرى، تعيش الفقيرة (زينة) مع جورج شلهوب، والثرية (نادين) مع عائلة الفقيرة.
تؤدي ختام اللحام دور والدة (زينة)، ونيكولا مزهر دور حبيبها، المفارقة أن والد زينة توفي عند ولادتها كما توفت والدة (نادين)، لتعيش كلّ منهما حنينًا متبادلًا لأب وأم افتقدهما.
تشعر زينة بالحنين نحو الأب الذي يمدها بكلّ الحنان والمال الذين حرمت منهما، وتستلذ نادين بعطف وحب ختام.
نيكولا مزهر شقيق تينا يموت، (نجمة ستار أكاديمي 4)، وتعمل لدى شركة وسام صليبا الذي يقع بغرامها رغم فرق المستوى الإجتماعي، ورغم خطوبته من صديقة ريتا حرب الثرية غنوة حمود (فيفيان)، ووالدتها رندة كعدي التي إعتادت على تقديم دور الأم في المسلسلات اللبنانية بمهارةٍ.
ما يشتت إنتباه المشاهد كثرة العلاقات غير المنطقية، بين شخصيات العمل، فزينة مثلًا تعيش في مكانٍ مختلفٍ عن منزلها، وكأنها شقيقة لوسام صليبا الذي يحبّ تينا يموت والتي تكون شقيقة حبيبها.
كما لا يحاكي النصّ العادات اللبنانية الشرقية، لنرى تينا يموت في منزل وسام صليبا يقبلها، ثمّ في اليوم الثاني في منزلها يمارسان علاقة حميمة، ثمّ يعرض عليها الزواج فترفضه! ثمة شيء لا يفهم، وغريب عن المجتمع اللبناني.
ما يزيد النص تعقيدًا، إدخال العنصر السوري بعملية غير مبررة دراميًا، لا يبدو مسلسلًا مشتركًا لبنانيًا-سوريًا ولا لبنانيًا بحتًا.
الممثلة السورية فاديا الخطاب تؤدي دور والدة محمد الأحمد، الذي يزور لبنان فجأة، ويستأجر منزلًا عند والد تينا يموت حبيبة وسام صليبا، بخصوص علاقة قديمة كانت تجمعها مع جورج شلهوب!
أما السوري يزن السيد، فيلعب دورَ صديق وسام صليبا المفضل، ولا نفهم كيف نشأت هذه العلاقة، وكأن السيناريست “دحشت” الشخصية دون مبرر أو احترام للسياق الدرامي.
النص المكسيكي المليء بالخيوط الدرامية غير المتشابكة، والتي تفقده السلاسة ينقذه أداء الممثلين الجيّد، وإدارة المخرج السوري لمواهبهم.
١- تدهشنا ريتا حرب بأدائها للمرأة الطامعة بالنفوذ والسلطة، والتي تخدع الجميع بطيبتها، تلعب على لغة العيون وتحرّك رموشها بالمواقف الإنفعالية، ولا تخرج لغة جسدها من اليدين إلى الكتفين عن السيطرة، لتقدّم بذلك واحدًا من أفضل وأجمل أدوارها على الشاشة.
٢- تتميز رندة كعدي وختام اللحام بأداء دوريهما بأفضل صورة ممكنة، وتثبتان بأنهما أفضل من يؤدي دور (الأم) بكافة أحاسيسها وطيبتها الفائضة.
٣- يعجز وسام صليبا عن حجز مكانة له في الصفوف الأولى رغم دراسته للتمثيل والإخراج في الولايات المتحدة الأميركية، ورغم موهبته، وربما السبب يعود إلى مشكلته بالنطق الضعيف ونبرته الهادئة جدًا وصوته الخافت، ونضطر إلى رفع صوت التلفزيون إلى أعلى مستوى لنسمعه، حتّى بأقوى المشاهد التي تتطلب غضبًا أو صراخًا.
عقدته هذه لم يتخلص منها بعد، وسبق وانتُقد بسببها خلال بطولته لمسلسل (متل القمر).
٤- يثبت جورج شلهوب رقيه وتميزه بكلّ دور يقدّمه، وبمظهره الخارجي، وكاريزمته، ووقاره، وطريقة دراسته للشخصية كلّها.
٥– يبدو أداء الممثلة الشابة ماري بيل طربيه التي جسّدت دورين في الوقت عينه، أكثر نضجًا من أداء ستيفاني صليبا التي أدت المهمة نفسها من خلال مسلسل (كارما)، رغم تفاوت شهرتهما.
٦- يظهر إحساس تينا يموت من خلال أدائها لدور حبيبة وسام، تبكي بصدق وتشعر بإنفعالها الحقيقي وكأنها ممثلة متمرسة مع إنها تجربتها الأولى في التمثيل.
يحقق المسلسل نسبة مشاهدة عالية جدًا، تجعله يتصدر الإحصائيات مقارنةً بالبرامج التي تعرض على المحطات اللبنانية الأخرى.
عبدالله بعلبكي – بيروت