منذ سنوات، وأنا أكتب الكثير من النقد والملاحظات البعيدة عن المجاملة، والمباشرة حول أعمال المخرج فيليب أسمر، ولم أكن أعيره أي اهتمام حينما أشير إلى المخرجين، أما بعد مسلسل “ع إسمك” أرفع له القبعة احتراماً لهذا الجهد الذي قام به، وحقق من خلاله النجاح ومعادلة أن المخرج سيد العمل، وأن الدراما التلفزيونية هي مفتاح البعد الاجتماعي، لذلك ما قدّمه فيليب في “ع إسمك” يعتبر إضافة في الدراما اللبنانية والعربية من خلال رؤية واقعية في التقاط الصورة وحركة الكاميرا داخل المنازل بما هي عليه من فقر أو ثراء أو تمثيل، لم يبالغ، ولم ينافق في واقعية العمل، والأهم درس مشاهده من كل التفاصيل، واهتمّ بسينوغرافيا المشهد حتى تخاله حقيقة، أي لم تفلت منه أي مفردة كما لو كان يعمل على تجسيد المسرح داخل لوكيشن الدراما التلفزيونية.
إقرأ: كلوديا مارشيليان تصفعنا وفيليب أسمر بطل (ع اسمك) وليليان نمري تتألق وكارين رزق الله!
وهذه تحسب له إلى جانب التقاط أكثر من مشهد لـ خمس دقائق “وان شوط” ومعه طفلة لأول مرة تمثل، وهذا يتطلب الجهد والعناء، وهنا بيت القصيد في تميّزه وتفوّقه!
ولم يصَب المخرج بعقدة التفزلك بالألوان والإضاءة كما حدث في مسلسله “إم البنات” سابقاً، وكما يحدث في أكثر من عمل لبناني، هنا خدم القصة، تصالح مع الحدث، ووفق في طبيعة الحوار والأداء والمكان، ودرس زواياه بعمق، وكادر ما ستلتقطه الكاميرات بذكاء، وكل هذا يعني تصالح المخرج مع العمل ومع رؤيته ومع ذاته مما أوصل لنا مخرجاً ناجحاً ومتفوقاً درامياً، فقط يوجد بعض الهزات أو العنات، ومنها ما هو حصل في الحلقات الخمس الأخيرة حيث كانت تكراراً وتطويلاً لا حاجة له لكون الخطوط الدرامية اوفت ما لديها، والحوارات الحشو لم تعد مفيدة، وقد ظهر جلياً في الحلقة الأخيرة، وتحديداً في مشهد المواجهة بين الحبيب والعروس داخل منزل الصيدلانية، ومن ثم الخروج إلى الحديقة المدخل والشارع، وأعتقد السبب يعود إلى ركاكة الحوارات المعنية بالمشهد، وربما كانت مرتجلة، نعم الحوارات هنا ضعيفة غير مدروسة سببت تشتتاً في الأداء، ولم نشعر بوجود نص مكتوب بالأصل، وجاءت تعبيرات حالة الوجوه والجسد مربكة وساذجة، لنجد أن النص افتقد، والحوار أصبح حالة ارتجالية مشوشاً وضعيفاً عند البطلان الأساسيين والمعنيين (الارتجال يُعلم من خلال المسرح والخبرة)…هذا الفقر في الأداء والنص والمشاهد اصاب الممثلين بالتلعثم تتحمّله الكاتبة بشكل رئيسي، ومن ثم المخرج!
إقرأ: ليليان نمري تخطف الكاميرا وتُبهر (ع اسمك) وتتفوّق!
ومع ذلك من الجحود أن لا نعترف بتميّز المخرج في “ع إسمك”. هو هنا يستحق الثناء على البناء الدرامي السليم والجميل والممتع، لقد اكتسبنا المخرج الجيد، ويستحق جائزة عليه رغم ملاحظة الحلقة الأخيرة.
كما قدّم المخرج مجموعة من الممثلين في أفضل حالاتهم، ولم يبالغ لا في تجسيد الشخصية ولا في صناعتها كي تطل عبر الدور، ولا في المكياج ولا في الإضاءة، والأهم لم نشاهد حالة من التمثيل عند بعضهم، بل وفقنا من الغالبية بالأداء الواقعيّ الذي خلناه حقيقة في بعض المشاهد، ومع بعض سقطات قليلة يتحمل سببها الممثل واختيارهم له من الأساس، أي منهم من قدّم دوره من باب الشطارة فمثل ولم يُبدع، وشعرنا لو كان بعضهم يقرأ الحوار في اللوكيشن وقبل التصوير بلحظات!
القصة:
القصة والسيناريو والحوار كلوديا مارشيليان، وهذه المرة الأولى التي أتابع فيها حوار كلوديا بشغف، وبإهتمام، كلوديا التي تغرق بقصة في نصها، وتنسى تفاصيل القصص الخطوط التي تقدّمها بالعادة، وهنا مختلفة كلياً عن كل ما قدّمته، وعن كل ما يقدم في الدراما اللبنانية والعربية، وتحديداً في اختيار الموضوع، وهو جديد لم يُطرَق من قبل “مع ملاحظات إشكاليّة دينيّة سنتطرّق إليها في مقالة خاصة” وجرأة في تناول بعض الحالات في القصة المحور. وهذا يفتح شهية المشاهد لاكتشاف كيفية معالجة قضايا حسّاسة وجديدة حيث سرّ من اسرار الدهشة وصولاً إلى الجدلية والنجاح.
اقرأ: توقعات مجد غانم العامة للعام 2021 – فيديو
اقرأ: نضال الأحمدية تكشف أسرارًا عن هيفاء وهبي وابنتها – فيديو
التمثيل:
لا خلاف أن القديرة ليليان نمري فرضت حالة استثنائية في العمل، وكانت بطلة مطلقة، وكان لشخصية جورجيت درباس انتشار واسع ساهم في إبراز العمل، وبالطبع يعود السبب إلى طريقة أداء الممثلة، وفهمها لتفاصيل الشخصية الدور، واللافت أن حوارات جورجيت كانت عميقة ومدروسة إلى حدود صلابة فهم الشخصيّة. وهذا لم نكن لنشاهده عند غيرها، وكما ساعد في فرضها طريقة حركة كاميرا المخرج، وكأنه يتناغم مع أداء ليليان.
أما الطفلة البطلة تالين أبو رجيلي فهي حكاية جميلة، وتمكنت من جعلنا نتابعها بشغف، وفرضت حبها وموهبتها ورشاقتها وكل حركة، وهنالك مشاهد طويلة أدتها بتفوق… كانت بطلة وبجدارة.
جيري غزال، أولاً علينا أن نشير إلى أن الديو مع كارين لم يعد مقبولاً لأسباب كثيرة، وهذا العمل اشبع، وإذا كان لا بد فيجب الابتعاد عن حالات الحب والغرام.
منذ الحلقة الأولى الشخصية قدّمت ضمن حالة واحدة من دون أبعاد درامية في ملامحه وحركته، مع أن الدور ليس عادياً، ويتطلب الكثير من الجهد.
وماريبال سركيس اجتهدت ونجحت، دورها جميل أدته ببساطة غير مزعجة، والشابة نازالي كاسبيان كان الأفضل إعادة مشاهدها أكثر من مرة حتى تستوعب هي مشاهدها وحواراتها، للأسف لم تكن مقنعة، وهذه الحالة الضعيفة من هنات المخرج، وكذلك تحية إلى بعض الوجوه العابرة من مشاركات صغيرة لأبناء الضيعة!
وفاء طربيه قيمة في أي عمل تشارك فيه، كان بالإمكان توسيع الدور وتعميق الحالة إلى خط درامي إضافي، ومع ذلك لعبت أكثر من مشهد بتفوّق يفرض علينا أن نحترم صاحبة هذا الأداء الذهبي، وطوني بلابان “الأب” منذ بدايات الحلقات لم يكن مقنعاً في جميع مشاهده، ومع احترمي لـ 40 سنة من تدريسه المسرح، ولكن التنظير يختلف عن ممارسة الواقع تمثيلياً، غالبية مشاهده تتطلّب الأداء المختلف…!
الظهور الأول للفنان تامر نجم “ماريو” كان موفقاً، وناجحاً، وفرض متابعته، والمخرج أخذ زوايا من حركته ووجهه بذكاء تحسب للممثل، تامر فنان، وعليه الاختيار لآن الكاميرا تحبه، ولديه موهبة حاضرة تحتاج إلى مخرج يعرفها كما فيليب!
وكذلك الظهور الأول للفنانة القادمة من عالم مختلف عن التمثيل ريتا عاد كانت مقنعة، وحضورها محبب، ونطقها سليم، والغريب معرفتها لاستخدام صوتها ونفسها، كانت مكسباً للعمل.
باختصار مسلسل ” ع إسمك” استحق المتابعة، وأظهر طاقات جيدة عند بعض الفنانين في لعبة الدراما اللبنانية لم نعتادها منذ سنوات، كما قدم لنا مخرجاً ناجحاً نعلق الأعمال عليه في زمن لم تعد نجد بالمسلسلات اللبنانية اي دور للمخرج!
فريق عمل مسلسل “ع إسمك” مخرج منفذ سالم حدشيتي، مساعدات مخرج اماندا وربى يوسف، وتنفيذ داي تو بيكتشر، ومدير التصوير فؤاد سليمان، وهندسة الصوت طوني صوفان، و”مايك اب ارتست” رلى سليمان، وتنفيذ “تسريحات الشعر” أومبيرتو جبور، ومدير الإنتاج حمادة جمال الدين، ومن إنتاج MTV.
جهاد أيوب