منذ قليل حدّثتني ممثلة لبنانية كبيرة عن جمال أغنية إليسا الجديدة (صاحبة رأي) التي أُصدرت اليوم..

قالت لي بنبرةٍ حماسيّة: (كأنها تصفني، إنها أغنية رائعة).

علمت آنذاك أن (صاحبة رأي) لن تكون مجرد (هيت) يسمعها الملايين بالمعايير التجاريّة، بل مقطوعة موسيقية تسجّل حضورها بأذهان كلّ من يتقن لغة الفن، بعيدًا عن كل انحطاط نعيشه.

عندما تتغزّل بكلماتها وألحانها وتوزيعها كبيرةٌ من كبارنا، فهذا يعني أنها أغنيةٌ عابرةٌ للزمان والمكان، عابرةٌ لزمانٍ يُقدّم به القليل من الجمال والكثير من البشاعة، ولمكانٍ فيه القليل من الفن والإبداع والكثير من الصراعات والأزمات والحروب.

كتبها أسامة مصطفى، لحّنها سامر أبو طالب، وزّعها هادي شرارة بطريقةٍ لافتة، أما هندسة الصوت والميكس فعادت لإيلي بربر.

تقولُ الأبيات الأولى منها: (أنا صاحبة رأي وعايشة حياتي في وجهة نظري، ما بقولش كلام من ورا قلبي مش مؤمنة بيه)، إذًا أسقطت إليسا سيرتها الذاتيّة على عملها، لكنها سردت قصة كلّ سيدة حرة لم تكسرها ظروف الحياة، لم تحطّمها المصاعب، لم توقف مسيرتها عراقيل الحياة.

إليسا انتصرت بهذا العمل لكل امرأة مبدئية رفضت معادلة النجاح مقابل المبادئ.. حققت النجاح وحافظت على مبادئها، مسكتهما بيدٍ واحدةٍ سويًا دون أن تدفع أحدهما ثمنًا للآخر.

لكنها كذلك تمثّل كل رجل حر لم يُخضغ بزمن الخضوع، تحديدًا عندما تقول: (في مواقفي الصعبة أنا اتحديت اليأس بأملي، ما بحبش أصفّق للغلطان ولساني صريح، من صغري بكافح ما اتهزتش قصاد الريح).

كلمات جميلة تليق بكل بطل وبطلة سطّرا إنجازاتهما بعرق جبينهما، وانتصرا مرفوعيْ الرأس والكرامة.

إحساس إليسا الجميل ساهم بإيصال العمل إلى قلوب جميع المستمعين، عدا بضعة حاقدين يكرهونها بسبب مواقفها السياسية المناصرة للثورة وهؤلاء نفهمهم جيدًا فكيف ننتظر منهم ذوقًا جميلًا وهم يؤيدون أقذر ساسة العالم؟

الطبقة المرتفعة التي اعتمدتها لم تخذلْها، ولم يختفِ إحساسها الأنيق الصادق كلّما صعدت السلم الموسيقي.

قويةٌ إليسا التي استحوذت على (السوشيال ميديا) منذ أمس، وضمن لوائح الترند احتلت مراتب ثلاث رغم كثرة وأهمية المواضيع السياسية المتداولة في لبنان وخارجه.

لبنان أصبح أمس أول دولة عربية تختبر (التضخم المفرط)، ما يعني فشلًا ذريعًا من الطبيعي أن تلازمه كآبة مريرة، لكن إليسا أنستنا كل هذا بانتصارها الفني الجديد الذي رسم أجمل الابتسامات على وجوهٍ شاحبة.

نجاح خلف نجاح، يثبت إنها ملكة الاختيارات دون منازع، وأكثر من تستقر اسمًا وحضورًا على بساط فني عربي متقلّب كالرمال المتحركة!

عبدالله بعلبكي – بيروت

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار