منذ 5 سنوات أجرت رئيسة التحرير نضال الأحمدية لقاءً مع المحامية والناشطة السياسية والقانونية والمرشحة للانتخابات النيابية السيدة بشرى الخليل، ننشره على 3 أجزاء، وانضم إليهما شقيق رئيسة التحرير، طارق الأحمدية، والزميل وائل صقر، والماكيير سامر بريطع وكلهم ينتسبون لمعتقدات مختلفة وأحزاب متباينة.
بدأت الزميلة الحوار تقول:
- السيدة بشرى ناشطة قانونية مشهورة وكانت مرشحة سابقة للانتخابات النيابية، وسحبت ترشحها بناءً على طلب من السيد حسن نصر الله..
تقاطعها وتضحك: (بل تمنٍ وليس طلبًا).
- قبل قليل كان فخامة رئيس الجمهورية يتحدث بعد ٨ أيام من نشوب ثورة شعبية تدعو لإسقاط النظام الطائفي في لبنان.
لم تكن ثورة لإسقاط النظام الطائفي بل النظام الفاسد، لأن الطائفية سقطت في الشارع، وهذا أهم إنجاز تحقق في هذا الحراك. لم يعد الفاسد يستطيع أن يتخفى خلف طائفته أو رجل الدين ليحميه، وسقطت الأحزاب كذلك.
- إذًا نحن في لبنان جديد؟
مئة بالمئة، لكن الناس جاعت واتحد اللبنانيون ضد الفساد ولم يعدوا يهتمون لزعيم أو حزب، وحتى لو انفك هذا الحراك أو أُصيب ببعض السلبية يبقى حراكًا ناجحًا وحققوا من خلال شيئًا.
- لماذا تسمينه حراكًا وليس ثورةً شعبيةً؟
الشعوب عندما تتحرك كالنيل قبل أن يفيض، نمر بمرحلتين الآن: مرحلة الحراك ومرحلة الطوفان. لم تأتِ مرحلة الطوفان بعد لكنها على الأبواب إن لم يلبِ السياسيون مطالب الناس، وهذه فرصتهم الأخيرة.
- فرصة لمن؟ للرئيس الحريري أم عون؟
لبعض السياسيين.. لا نريد أن نتوسع في الموضوع، الولايات المتحدة الأميركية علمت إن نفوذها في الشرق العربي بدأ يتقلص.
- لم تقلص نفوذها؟
ظهرت التعددية القطبية..
- ما يعني تعددية قطبية؟ الناس لا يعرفون..
منذ عشرات السنوات، عدة أقباط كانت تحكم العالم: كتلة الاتحاد السوفياتي، كتلة الرأسمالية الأميركية، وكتلة عدم الإنحياز وكان أحد أعضائها شخصية عربية ضخمة اسمها جمال عبد الناصر ومعه شخصيات أوروبية وآسيوية. كل هذا انتهى في بداية التسعينات، وأصبحت أمريكا حاكمة العالم وخرّبته.
- هل هذا يعني أن روسيا لا تحكم العالم؟
في السابق لا، ولدت التعددية منذ سبع سنوات. أدرك الرئيس الأميركي باراك أوباما عندما كان رئيسًا هذا الواقع، وإن النفوذ العالمي سيتقاسم ولم يعد حكرًا على بلاده، لذا بدأ يحدد نفوذه قبل أن يحددوا له ما سيأخذ، وهذا يشبه الواقع الذي نمر به اليوم. على السلطة أن تفهم متطلبات الناس وكان عليها توقع هذا الحراك الشعبي منذ ما أعلنت ترشيحي في منطقة صور ورأوا الناس يودون انتخابي والتغيير، لأنهم ملوا من الطبقة الحاكمة وحتى من أحزابها غير الفاسدة كحزب الله مثلًا.. على السلطة الآن أن تقدم تنازلات.
- من سيقدمها؟
أي شخص عاقل يفعلها.
- هل حدثت يومًا ثورة من أعلى الهرم؟
نعم، تحدثت أحيانًا حركات تصحيحية لكن مع حلول جذرية.. إن لم يصلحوا سيأتي الفيضان بعد ٦ أشهر.
- زميلي وائل صقر ينتمي إلى حزب القوات سيبلغك بما يحدث الآن في بيروت..
وائل: تصلنا أخبار إن متظاهرين من حزب الله يرددون شعارات تطالب بمحاسبة رياض سلامة حاكم مصرف لبنان وأكرم شهيب لكنهم يرفضون إسقاط الحكومة والطبقة السياسية الحاكمة، ويفتعلون أحداث شغب!
نضال الأحمدية: ربما هذه شائعات..
بشرى الخليل: لا، بعض مما قاله صحيحًا.. يتظاهرون ضد رياض سلامة لأن المصارف خرّبت لبنان وبرأيهم الحكومة قادرة على إجراء إصلاحات جذرية وإسقاطها لن يثمر لأن الحكومة المقبلة ستكون شبيهة.
- لمَ يفكرون بهذه الطريقة؟
برأيي حزب الله لم يتدخل بعد وينزل إلى الشارع، وتحرك الناس فردي.
- أين كان حزب الله ٣٠ عامًا يسكت على فساد رياض سلامة، ولم ينطق حرفًا إلا عندما أُغلق بنك جمال ترست وعُرضت أمواله للخطر؟
حزب الله لا يمتلك أموالًا في المصارف، وأنور جمال عاش في أمريكا وثقافته أجنبية ولا ينتمي إلى حزب الله، وليس كل شيعيًا مع الحزب بل ثمة شيعة يكرهونه. أرى إن رجال أعمال الشيعة مستهدفون لأنهم يريدون أن يثيروا فوضى في بيئته، ما يخلق عداءً له من داخل وسطه.
- لمَ مستهدفة البيئة الشيعة؟
لأن حزب الله مستهدف.
- لكن البيئة انقسمت الآن لم يعد هناك نبيه بري ولا حزب الله، لم نقل منذ قليل إن لبنان صار جديدًا دون أحزاب؟
سابقًا وليس الآن.. الناس قُسّمت. برأيي نبيه بري انتهى الآن، لم يعد يستطع أن يمثل الناس. في عقر دار حركته في صور، تظاهروا ضده.
- لنبلغ الناس إن ليست البيئة الشيعية مستهدفة بل حزب الله.
حزب الله مستهدف ولأنهم لا يستطيعون القضاء عليه، يثيرون الفوضى في بيئته.. هناك البيئة الشيعية، والبيئة اللبنانية على مدار أوسع. منذ ٤ سنوات وأنا أنبههم أن هناك مخطط لتقسيم لبنان كمشروع: المسيحي يصنع وطنًا قوميًا له..
- يعني مشروع جعجع القديم يعود ويطبق الآن..
نعم ووليد جنبلاط لا يعارض، فيصنع دولته الدرزية في الجبل..
- وائل يقاطعها: لكنه لن يكون تقسيمًا إداريًا؟
لا نريد أن نتعمق بالمواضيع، الغرب يراهن أن البيئة الشيعية ستنتفض ضد حزب الله، لم ينجحوا حتى اللحظة.. لا يزالون يعتقلون رجال أعمال شيعة ويغلقون مصارف شيعية ليست لها علاقة به.. وجدوا بهذا الحراك فرصةً كبيرة لخلخلة المشهد اللبناني فيحدث التقسيم.. أرى الخطر على لبنان كبيرًا من عدة جهات: أولها وصول الفساد للانهيار المالي بسبب سياسات رياض سلامة.
- رياض سلامة أم الرئيس الحريري؟
بدأه الحريري وأكمل به رياض.. بدأ جمال عبد الناصر يريد بناء إقتصاد قوي رحل، فأتى بعده أنور السادات وحاول تطبيق اقتصاد السوق فانهار مشروع جمال.. رياض سلامة أكمل مشروع الحريري، كان يمكنه أن ينهيه..
- الخطر على لبنان كبير؟
نعم الخطر كبير.. لذا أقف الآن ضد شعار فصل السلطات الدستورية ما يؤدي إلى فوضى وتقسيم.
- يعني أنك ضد إسقاط الحكومة؟
أنا مع إعادة تشكيل حكومة تكنوقراط، هذا إن قبِل أن يمررها الشارع السني ولم يوقفها بسبب سعد الحريري، أنا مع تغييره لأنه جزء من منظومة الفساد.. إن لم يحدث هذا، فأؤيد اقتراح إنشاء محكمة لا سلطة سياسية عليها تحاسب الفاسدين.
- نفسها التي طالب بها الرئيس؟
تكلم عن محكمة تقودها الطبقة الحاكمة، وهذا غير مقبول..
- سنبلغك حرفيًا ما قاله الرئيس عون: إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد..
لا أتكلم عن نقطة المحكمة.
- سنسمعك شيئًا آخر: يتوجه الزميل وائل صقر نحو بشرى ويعرض تسجيلًا صوتيًا لمحامية تتحدث عن قانون المحكمة الذي قُدم من شهرين في مجلس النواب ولم يوافق عليه عون.
أتحدث عن شيء مختلف، هذا ليس له علاقة بالمحكمة.
- لمَ رفض قانون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إذًا؟
لم أقرأه وأطلع عليه بعد.
- هل الرئيس مريض؟ كما شاهدنا جميعًا المقطع ممنتجًا ولم يكن مباشرًا.. إن كان الرئيس مريضًا من يحكم لبنان إذًا؟
كان يقابل عددًا من الوفود يوميًا، ولم ينسَ ويغفُ كما قالوا.. كلنا نسهر حتى ساعات الصباح الأولى، فما بالك بالرئيس؟
- إذًا هذا كلام سخيف؟
لا أقف عنده.. أما الذي قاله (على قدّن).
- ماذا قصدتِ؟
حسب مفهومهم للحل، وحسب رؤيتهم للأوضاع الراهنة..
- المونتاج كان جيد جدًا رغم كل الأخطاء..
لم نقف كثيرًا عند هذه النقطة؟
- لأنه رئيسي، وعليّ أن أعرف أن كان بصحة جيدة وواعيًا ليحكمني، أم أن هناك رئيس ظل!
دعي الشعب إذًا يطالب بلجنة طبية تطلع على صحته.. أنا مع مشروع المحكمة الذي اقترحه الرئيس، لكن لا تختارها المجموعة الحاكمة.
- من يختارها؟
هناك شخصيات محترمة يُتفق عليها، نختارها نحن..
- من نحن؟
المسؤول عن الحراك أو الثورة ومفكرون والأحزاب الشبابية الجديدة.. يختارون شخصيات لبنانية نزيهة ولديها كفاءات تحاكم الفاسدين دون أن ترد على أحد.
)
